Jumat, 20 Januari 2012

الظاهر والنص

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله المنزل القرآن و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المنزل عليه الفرقان و أله و صحبه و أتباعه إلى آخر الزمان ، و بعد .
فإن القرآن كلام الله المعجز ، المنزل على خاتم الأنبياء و المرسلين بواسطة أمين جبريل عليه السلام ، المكتوب فى المصاحف ، المنقول إلينا بالتواتر ، المتعبد بتلاوته ،المبدوء بسورة الفاتحة ، المختتم بسورة الناس[1]، و هو مع صغير حجمه ثلاثون جزءًا، قد أحاط مضمونه القضايا و البيانات و العوارف و المعلومات التي لا يستغنى عن معرفتها أناس لسعادته فى الدارين ، قال الله تعالى : مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [2] ، و قال أيضا :  وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [3] ، أي و نزلنا عليك أيها الرسول هذا القرآن تبيانا لكل ما بالناس إليه حاجة[4] ، بذكر القوانين العامّة و المبادئ الكلية ، لا على طريق المفصّلة[5] .
وتنقسم الألفاظ  ابتداء إلى قسمين : ألفاظ بينة الدلالة  واضحة  لا يحتاج إلى بيان, ويمكن قياس التأليف بمقتضاها,  وألفاظ أخرى ليست لها هذه الخاصة من الوضوح  وإن ذلك يجرى في ألفاظ القوانين الوضعية كما يجرى في النصوص القرآنية.
و الألفظ الواضحة أقسم أربعة مختلفة المراتب في قوة المختلفة. أولها : وهو أدنها رتبة في قوة الدلالة – الظاهر. و الثاني : وهو الذي يعد أعلى من الظهر – النص. و الثالث : وهو أعلى من النص المفسر. و الربع : وهو الرتبة العليا المحكم. وسنبحث الآن في هذه المقالة عن معنى الظاهر والنص.

المبحث
الظاهر
أ‌.      تعريفه :
الظاهر في اصطلاح الأصوليين هو ما دل على المراد منه بنفس صيغته من غير توقف فهم المراد منه على أمر خارجي، ولم يكن المراد منه هو المقصود أصالة من السياق، ويحتمل التأويل.[6]
فمتى كان المراد يفهم من الكلام من غير حاجة إلى قرينة، ولم يكن المقصود الأصلي من سياقه، يعتبر الكلام ظاهرا فيه.
الظاهر فيراد به ما يتبادر إلى الفهم من عبارته نفسها من غير حاجة إلى قرينة، ولكن مفهومه غير مقصود أصالة من سياقه.[7]

ب‌. مثاله
ومن  الظاهر قوله تعالى : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً[8],  فاللفظ قد سيق كما تدل العبارات لإثبات الإحتياط في طلب القسط في معاملة اليتامى من النساء, ولكنه يدل بظاهره على إباحة التعدد مثني و ثلاث و رباع, و يدل بظاهره أيضا على أن العددلا يصح أن يزيد على أربع, ويدل بظاهره ثالثا على أن العدالة شرط في الإباحة من الناحية الدينية لا النا حية القضائية. إذ العدالة أمر لا يمكن إثباته قبل الزواج, وهي من لأمور النفسية للمتزوج حتى يقوم دليل يمكن معه إثبات الظلم بوقائع قد رقعت.[9]
فقوله تعالى: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا }[10] ، ظاهر في إحلال كل بيع وتحريم كل ربا؛ لأن هذا معنى يتبادر فهمه من لفظي 'أحلّ وحرّم' من غير حاجة إلى قرينة، وهو غير مقصود أصالة من سياق الآية، لأن الآية كما قدمنا مسوقة أصالة لنفي المماثلة بين البيع والربا ردا على الذين قالوا : { إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا }[11] لا بيان حكميهما.
ومن الظاهر أيضا قوله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ[12] , فهي قد سيقت للتنديد باليهود الذين تركوا أحكم التوراة, ولكنها في الوقت ذاته دلت بظاهرها على وجوب القصاص في القرأن, لأنه اعتبر مااشتملت عليه حكم الله, وختمه سبحانه بقوله تعالى : ........فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[13] 
وقوله تعالى:  وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [14]  ظاهر في وجوب طاعة الرسول في كل ما أمر به وكل ما نهى عنه؛ لأنه يتبادر فهمه من الآية، وليس هو المقصود أصالة من سياقه، لأن المقصود أصالة من سياقه هو: ما آتاكم الرسول من الفيء حين قسمته فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا
. وقوله - صلى الله عليه وسلم - في البحر: 'هو الطهور ماؤه الحل ميتته'، ظاهر في حكم ميتة البحر، لأن ليس المقصود أصالة من السياق، إذ السؤال خاص بماء البحر.
ت‌. حكمه :
وحكم الظاهر: أنه يجب العمل بما ظهر منه ما لم يقم دليل يقتضى العمل بغير ظاهره، لأن الأصل عدم صرف اللفظ عن ظاهره إلا إذا اقتضى ذلك دليل. وأنه يحتمل التأويل أي صرفه عن ظاهره وإرادة معنى آخر منه، فإن كان الظاهر عاماً يحتمل أن يخصص، وإن كان مطلقاً أن يقيد، وإن كان حقيقة يحتمل أن يراد به معنى مجازي، وغير ذلك من وجوه التأويل.
وأنه يقبل النسخ، أي أن حكمه الظاهر منه يصح في عهد الرسالة وفي زمن التشريع، وأن ينسخ ويشرع حكم بدله متى كان من الأحكام الفرعية الجزئية التي تتغير بتغير المصالح وتقبل النسخ. 
وإن الظاهر مع دلالته على ماانتظمه اللفظ, و الحكم التكليفي الذي اشتمل عليه يقبل التخصيص, و يقبل التأويل و يقبل النسخ, فكان الاحتمال بدخله من هذه النواحي.[15]
النص
أ‌.     تعريفه :
أن النص عند بعص الشافعي والمالكية "مالا يدخله الاحتمال فقط, أو مالا يدخله الاحتمال الناشئ عن دليل", و عند الحنفية هو "دلالة اللفظ على ما سيق له.[16] وفي كتاب علم أصول الفقه هو ما دل بنفس صيغته على المعنى المقصود أصالة من سياقه، ويحتمل التأويل. فمتى كان المراد متبادراً فهمه من اللفظ، ولا يتوقف فهمه على أمر خارجي، وكان هو المقصود أصالة من السياق، يعتبر اللفظ نصاً عليه.[17] وقال صبحى الصالح يراد بالنص ما دل بصيغته نفسها على ما يقصد أصلا من سياقه.[18]
وإن النص في دلالته على حكم أقوى من الظاهر, ولذلك إذا تعارض مع الظاهر قدم في العمل عليه, وهو يقبل التخصيص كالظاهر, ويقبل التأويل, ويقبل النسخ, ولكن يعمل به حتى يقوم الدليل على النسخ. وليس لأحد أن يدعى أن النسخ الذي يقبله ثابت في كل عصر, بل إن النسخ ثابت في عصر النبوة فقط. ولايكون النص أقوى في دلالته من الظاهر, فإذا تعارض الظاهر مع النص أخذ بالنص.
ب‌. مثاله
فقوله تعالى: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [19] نص على نفي المماثلة بين البيع والربا، لأنه معنى متبادر فهمه من اللفظ ومقصود أصالة من سياقه.
وقوله تعالى: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ [20] نص على قصر أقصى عدد الزوجات على أربع، لأنه معنى متبادر فهمه من اللفظ ومقصود أصالة من سياقه.
وقوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [21] نص على وجوب طاعة الرسول في قسمة الفئ إعطاءً ومنعاً لأنه المقصود من سياقه.
ت‌. حكمه
وحكمه حكم الظاهر، فيجب العمل بما هو نص عليه، ويحتمل أن يؤول أي يراد منعه غير ما هو نص عليه، ويقبل النسخ على ما بينا فى الظاهر. ولهذا أخذ من قوله تعالى:{ فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم ...}[22]، إباحة الزواج وقصر العدد على أربع أو واحدة.
فكل من الظاهر والنص واضح الدلاله على معناه، أي لا يتوقف فهم المراد من كل منهما على أمر خارجي، ويجب العمل بما وضحت دلاله عليه إذا ما وجد ما يقضي هذا التأويل.


الخاتمة
لم يجئ في أصول بعض الجمهور بيان الفرق بين النص و الظاهر, وعلى ذالك جرى كثير من الأصوليين أكثرهم من المالكيه والشافعيه و الحنابلة. فالظهر عندهم بمعنى النص, وفريق أخر أن النص هو الذي لايقبل إحتمالا فيما يدل عليه, و الظاهر هو الذي يقبل إحتمالا فيما يدل عليه, ومن المالكيه من فسر الإحتمال الذي لا يقبل النص بأنه إحتمال الناشيء عن الدليل فإنه لايمنع أن يكون اللفظ نصا في معناه, ومنهم من يقول إن النص يدل على معناه من غير أي إحتمال, ولو لم يكون ناشأ عن دليل كالفظة خمسة وغيره من الأعداد, وعلى هذا يكون اللفظ العام فى دلالته على العموم من قبيل الظاهر, لأنه يحتمل التخصيص وإن كان الإحتمال غير ناشىء عن دليل, و على الأول يكون العام من قبيل النص, لأن الإحتمال فيه غير ناشىء عن دليل.
و الحنفية يسلكون مسلكا أخر, فالظهر عندهم هو الكلام الذي يدل على معنى بين واضح, ولكن لم يسق الكلام لأجل هذاالمعنى, فدلالة اللفظ على هذاالمعنى غير المقصود, دلالة لفظية, ولكنها ماقصدت بالقصد الأول, بل جاءت الدلالة تابعة لمقصد اأخر.[23]








المراجع و المصادر
محمد علي الصابوني, التبيان فى علوم القرآن
 أحمد مصطفى المراغى , تفسير المراغى
أحمد عطاء الله ،
Sejarah Al-Qur’an Verifikasi tentang otentisitas Al-Qur’an
عبد الوهب الخلف, علم أصول الفقه
صبحي الصالح,  مباحث في علوم القرآن
محمد أبو زهرة, أصول الفقه





[1]التبيان فى علوم القرآن ، لمحمد علي الصابوني ، ص 8 .
[2]الأنعام : 38
[3]النحل : 89
[4]تفسير المراغى ، لأحمد مصطفى المراغى ، ج 14 ، ص 127
[5]أحمد عطاء الله ، Sejarah Al-Qur’an Verifikasitentangotentisitas Al-Qur’an ، ص 22
[6]علم أصول الفقه, لعبد الوهب الخلف, ص 163
[7] مباحث في علوم القرآن, لصبحي الصالح, ص
 صورة النساء, 3[8]
 نفس المراجع, محمد أبو زهرة,ص 120[9]
 البقرة: 275[10]
 البقرة: 275 [11]
  المائدة 45[12]
 المائدة 45[13]
 الحشر:7[14]
 أصول الفقه, محمد أبو زهرة, ص 120[15]
[16] المراجع السابق, محمد عبد أبو زهرة, ص 121
[17] المراجع السابق, عبد الوهب الخلاف, ص 162
[18] المراجع السابق, الصبح الصالح
[19] البقرة:275
[20] النساء:4
[21] الحشر:7
[22] الحشر:7
[23]  أصول الفقه, محمد أبو زهرة, ص 119

Tidak ada komentar:

Posting Komentar