Minggu, 22 Januari 2012

الصلح


الصلح


حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا خالد بن مخلد حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو حل حراما“1.

التخريج :

روى هذا الحديث الشريف الترمذي أبو عيسى فى كتاب الأحكام "باب ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلمفى الصلح بين الناس"، وزاد – والمسلمون على شرطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما، وقال هذا حديث حسن. قال الإمام : قد روي من طرق عديدة ومقتضى القرآن وإجماع الأمة على لفظه ومعناه2. وروى أيضا أبو داود وأحمد عن أبى هريرة رضي الله عنه3. وصححه ابن حبان من حديث أبى هريرة، وروى الدارقطنى فى سننه حديث أبى هريرة، وذكر الحديث من طريق عفان. وأخرج الحاكم فى المستدرك من هذا الوجه وقال صحيح على شرطهما4.

راوى الحديث :

عمرو بن عوف بن زيد بن ملحة المزنى، كان قديم الإسلام. وذكر أبو حاتم بن حبان فى الصحابة أنه مات فى ولاية معاوية. وقال الواقدي : إستعمله المصطفى صلى الله عليه وسلم على حرم المدينة. وقال البخارى فى التاريخ، قال لنا ابن أبى أويس، حدثنا كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده، قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة، فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا. وروى ابن سعد أن أول غزوة غزاها الأبواء5، ويقال أول مشاهدها الخندق6. وكثير بن عبد الله حفيد عمرو وهو ضعيف، وكذبه الشافعي وأبو داود. وتركه أحمد، ولكن البخاري لم يكن يضعفه ولا يحيى بن سعيد7.

التحليل اللفظى :

الصلح      : قطع الخصومة بين المتخاصمين فى الحقوق والأملاك.
وجائز بين-
المسلمين    : آى مشروع، معناه أجل من الشرع. هذا خرج مخرج الغالب، لأن الصلح جائز بين الكفار وبين المسلمين والكافرين. ووجه التخصيص أن المخاطب بالأحكام الغالب هم المسلمون، لأنهم المنقادون لها8.
حرم حلالا إلخ     :      كمصالحة الزوجة للزوج على أن لايطلقها أي لايتزوج عليها.
وأحل حراما :     كالمصالحة على وطء أمة لايحل له وطؤها او اكل مالايحل اكله اونحو ذلك.

فقه الحديث:

       افادنا أبو طيب الابادى أن العلماء قسم الصلح إلى أقسام كثيرة. صلح المسلم مع الكافر، والصلح بين الزوجين، والصلح بين الفئات الباغية والعادلة، والصلح بين المتغاضبين، والصلح فى الخراج كالعقد على المال، والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت فى الأملاك والحقوق الإجتماعية9.
       وإذا فتحنا القرآن الكريم ولاحظنا وتأملنا بدقة متركزة نجد الآيات الكريمة تتكلم عن الصلح، منها قوله تعالى : ”إلا الذين تابوا وأصلحوا“01، فهذه الآية ومثلها تدل إصلاح النفس بعد فسادها. وقوله تعالى : ”فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا“11، فهذه الآية ومثلها تدل على إصلاح الزوجين. وقوله تعالى : ”أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس“21. ”فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم“31. ”وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما“41. فهذه الآيات الكريمة تدل على الإصلاح بين أفراد المجتمع.
       ومن ناحية أخرى نجد الآيات الكريمة التى تحثنا إلى الصلح والبعد عن الفساد فى الأرض والله يحب المصلحين ويبغض المفسدين. فالسنة النبوية الشريفة كذالك لأنها بيان له، فلا تجد فى السنة أمرا إلا والقرآن قد دل على معناه دلالة إجمالية أو تفصيلية51. ونتأمل الآن الصلح الذى وقع بين المسلمين والمشركين فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو صلح الحديبية الذى وقع فى السنة السادسة من الهجرة. وعدة الصحابة إذ ذاك ألف وأربعمائة وهم أهل الشجرة، وأهل بيعة الرضوان61.
       وقصة صلح الحديبية طويلة، ونقتصرها....فبينما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قدسهل لكم من أمركم" فقال هات أكتب بيننا وبينك كتابا. فدعا الكاتب وهو علي بن أبى طالب، فقال: " أكتب لنا بسم الله الرحمن الرحيم"، فقال سهيل وأما الرحمن فلا أدرى ما هو وطكن أكتب لنا "باسمك اللهم" ثم قال: "أكتب، هذا ما قضى عليه محمد صلى رسول الله"، فقال سهيل "والله، لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولكن أكتب "محمد رسول الله"، فقال "إنى رسول الله وإن كذبتمونى، ولكن أكتب "محمد بن عبد الله" ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "على أن تخلو بيننا وبين البيت فنطوف به"، فقال سهيل: والله لا تحدث العرب أننا أخذنا ضغتة ولكن ذاك من العام المقبل.71
       ومن الشروط التى تريدها قريش، وهي : 1) وضع الحرب بين المسلمين أربع سنوات. 2) من جاء المسلمبن من قريش يردونه، ومن جاء قريشا من المسلمين لا يلزمون برده. 3) أن يرجع النبي من غير عمرة هذا العام، ثم يأتى العام المقبل فيدخلها بأصحابه بعد أن يخرج منها قريش قيقيم بها ثلاثة أيام ليس مع أصحابه من السلاح إلا السيف فى القراب والقوس. 4) من أراد أن يدخل فى عهد محمد من غير قريش دخل فيه، ومن أراد أن يدخل فى عهد قريش دخل فيه فقبل عليه السلام كل هذه الشروط.81
       وعقب الفراغ من كتابة الصلح شهد عليه رجال من المسلمين ورجال من المشركين وهم أبو بكر الصديق، وعمربن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن سهل بن عمرو، وسعد بن أبي وقاص، ومكرز بن حفص وكان إذ داك مشركا، وعلي ابن أبي طالب وهو كاتب الصحيفة91.
       هكذا كان خلق المسلمين الأولين، وعلى رأسهم إمام الوفاء والصدق والبر محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك إنما يكشف عن طبيعة هذا الدين الحنيف الكامل المميز الذى يرسخ فى الفرد والجماعة كل معانى الحق والخير ليسلك الناس فى حياتهم ومعاشهم سلوك الصدق والوفاء فى كل الأحوال ومهما تكن الظروف.
       ومهما كان الحديث الشريف (الصلح جائز بين المسلمين) يفيد أن الصلح بين المسلمين فقط، وذلك فى الأملاك والحقوق، ولكن يمكننا أن نعتبر ذلك الصلح عام حتى مع الكافرين والمشركين فى أيامنا الحاضر. فالحق تعالى يشير بأن الصلح خير02، ويحثنا بالحنان مع الغير حيث يقول : ”ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك“12.
هذه الدعوة الصافية التى توحى للإنسان فى كل زمان ومكان وظروف أن مهمته فى الحياة هي أن يثير فى الإنسانية عوامل الخير، ويلتقى بها عملية استثارة واستثمار بدلا من عوامل الشر التى تهدم ولا تبنى وتضر ولا تنفع.
والصلح خير لأن الناس عرضة الشهوات والشبهات فيحصل بينهم بسبب ذلك التنازع والتخاصم، فأجاز الشرع الصلح بينهم شريطة أن تتماشى مع الأحكام المرعسة فلا يحل حراما ولايحرم حلالا.

الإستنباط :

الحديث يدل على أهمية الصلح بين أفراد المجتمع الإنساني، لأن بعضهم يحتاج إلى بعض ولا يستطيع اففنسان أن يعيش منفردا معزولا عن الغير. وشرط الصلح معلوم أن لا يحرم ما أحل الله ولا يحل ما حرم الله تعالى. إنتهى.
         




1 .  الإمام ابن ماجه، الجزء الثانى، ص: 740.
2 .  الإمام ابن العربى المالكى، المجاد الثالث، ص: 323.
3 .  الإمام أبو الطيب أبادى، المجلد الخامس، ص: 372-  373. والإمام أحمد بن حنبل، الجزء الثانى، ص: 366.
4 .  الإمام الصنعانى، الجزء الثانى، ص: 883. وانظر أيضا الإمام أبو عبد الله الحاكم النيسابورى، المستدرك على الصحيحين (مكة المكرمة: نزار المصطفى الباز، 2000) المجلد السابع، ص: 2523.
5 .  الإمام ابن حجر العسقلانى، التهذيب، الجزء السادس، ص: 192.
6 .  الإمام ابن حجر العسقلاتى، الإصابة فى تمييز الصحابة (بيروت: دار الفكر، بدون السنة) المجلد الثالث، ص: 9
7 .  عبد السلام علوس، إبانة الأحكام شرح بلوغ المرام (بيروت: دار الفكر، 2004) المجاد الثالث، ص: 169.
8 .  أبو الطيب ابادى، المجلد الخامس، ص: 373.
9 .  أبو الطيب ابادى، المجلد الخامس، نفس الصفحة.
01 . أنظر سورة آل عمران: 89. وانظر أيضا سورة النساء: 146. وسورة النحل: 119.
11 . أنظر سورة النساء: 128.
21 . أنظر سورة البقرة: 224، وهذه الآية نزلت فى عبد الله بن رواحة حين حلف أن لا تتكلم ختنه النعمان بن بشير، ولا يصلح بينه وبين أخته (أنظر محمد على الصابونى، صفوة التفاسير [بيروت: دار الفكر، بدون السنة] المجلد الأول، ص: 146).
31 . أنظر سورة الأنفال: 1.
41 . أنظر سورة الحجرات: 9.
51 . أنظر أبا إسحاق الشاطبى، الموافقات فى أصول الشريعة (مكة المكرمة: مكتبة نزار المصطفى الباز، 1997) المجلد الرابعة، ص: 875.
61 . أنظر محمد بن عبد الوهاب، ص: 131.
71.  أنظر محمد بن عبد الوهاب، ص: 135.
81.  الشيخ محمد الخضرى، نور اليقين فى سيرة سيد المرسلين (بيروت: دار الفكر، 1994) ص: 149. ومحمد عبد الوهاب، ص: 135.
91 . أمير عبد العزيز، ص: 179.
02 . أنظر سورة النساء: 128.
12 . أنظر سورة آل عمران: 159.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar