Sabtu, 21 Januari 2012

من فضائل الأعمال الإجتماعية

حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي، حدثني أبي عن الأعمش قال حُدِّثتُ عن أبى صالح.
عن أبى هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه "(1).

التخريج :

وروى هذا الحديث فى كتاب الأدب باب فى المعونة للمسلم، وقال : لم يذكر عثمان أبى معاوية " ومن يسر على معسر "(2)، وروى أيضا إبن ماجه فى المقدمة(3)، وأيضا مسلم فى كتاب البر والصلة ؛باب بشارة من ستر الله تعالى عيبه فى الدنيا عليه فى الآخرة. وفيه حديثان حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يستر عبد عبدا فى الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة "(4). وأخرج أحمد بن حنبل وزاد : ومن سلك طريقا فيه علما يلتمس فيه سهل الله له به طريقا إلى الجنة...إلخ(5).

التحليل اللفظي :

نفس    : التنفيس، التخفيف مأخوذ من تنفيس الخناق كأنه يرخى حتى يتنفس ويأخذ نفسا هادئا.
كربة     : آي الشدة العظيمة التى توقع صاحبها فى الكرب والضيق والشدة.
يسَّر     : التيسير، الإرخاء والإمهال وهو فى الدنيا على أمرين بإنظاره إلى الميسرة، أو بالوضع عنه وإن كان عزيما، أو إعطائه ما يزول به إعساره، وكلا الأمرين له فضل كريم. وقال المناوي بإبراء أو هبة أو صدقة أو نظرة إلى ميسرة وإعانة بنحو شفاعة أو إفتاء يخلصه من ضائقه(6).
ستر     : الستر هو الإخفاء والتغطية. والمراد هنا عدم إظهار وإشهار زلات المسلمين وتتبع عوراتهم والتشهير بهم.
عون     : آي إن الله يساعد ويعين العبد المسلم مادام يسير فى عون ومساعدة إخوانه المسلمين سواء كان ماديا أو معنويا.  
 

فقه الحديث :

للإنسانية جوانب وابعاد يمثلها الإنسان فى أعماله وتصرفاته وأخلاقه. فإن كانت أخلاقه حسنة وتصرفاته سليمة فاضلة كان مثلا حسنا للإنسان المتمتع بالإنسانية بمفاهيمها السامية الكريمة. والمجتمع الفاضل هو الذي يكون إفراده على درجة عالية من الأخلاق الحسنة، والتربية الفاضلة، والمعاملة الطيبة فى الحياة العائلية والإجتماعية. وذلك بأن تقوم العلاقة بين الفرد والمجتمع على أسس سليمة من افخلاص والتعاطف والصدق وحسن المعاملة والتسامح واللطف وما شاكل ذلك من الصفات والأخلاق النبيلة التي يجب أن يتحلى بها الإنسان ليكون جذيرا بهذا الإسلام.    
وفى الحديث جمعت عدة فضائل، وبين صلى الله عليه وسلم ثوابها والجزاء عليها فى دار الدنيا والآخرة لأن الجزاء من جنس العمل. فقد ورد فى هذا الحديث النبوي الشريف عدة أعمال فاضلة، وهي من الأعمال التى تقوي الرابطة الإجتماعية، وتوجد التكافل بين أفراد المجتمع. وكان هذا هو دين الإسلام ومنهجه تقوية العلاقات الإجتماعية بين الأفراد ليسود المن والمحبة والإخاء. ولكي يرغب فى هذه الأعمال جعل لها مردودا فى دار الاخرة- لأنها هي التى ترغب فى المواصلة والتسابق بين الناس، لأن الآخرة هي الهدف الأسمى الذي يهدف إليه المسلم فى هذه الحياة.  
 فالإنسان فى هذه الحياة تعتريه الشدائد والمصائب والنكبات التى تجعله أحيانا يضيق بما حوله وينغلق عليه تفكيره. فالحق سبخانه وتعالى يقول : ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين (7). ولهذا جعل الإسلام الوقوف معه فى هذه الحالة من فضائل الأعمال التى تدخر له ويجزى عليها يوم القيامة، يوم الكرب والشدائد العظيمة التى لا يجد من يقف معه بها، لأن الناس كلهم فى مثل حاله، ولكن فى هذا الموقف يجد رب العالمين الذي ادخر له هذا الموقف مع أخيه المسلم فى الدنيا وساعده وهون عليه مصيبته.
وكذلك التيسير على المعسر بأمهاله إن كان غريما له، أو مساعدته على أداء ما تعسر عليه أويبذل العطاء إن كان عسرة فى نفقة أو ملبس أو مسكن. فإن المسلم فى هذه الحياة معرض للفقر والغنى، والصحة والمرض، والعرى والإكتساء، والجوع والشبع والري والعطش، لا حول لهم ولا قوة. وقد يصبح الغني فقيرا، والفقير غنيا، وبعد العسر يسرا، وبعد العسر يسرا. فحث المصطفى صلى الله عليه وسلم على الوقوف مع المسلم فى مواطن الضيق والشدة والحزن والقبض، وجعل ثواب ذلك يسر فى دار الدنيا والآخرة. ويسر الآخرة أعظم وأهم، لأنه لن يجد فى هذا اليوم إلا ما قدم من صالح الأعمال يفك عنه أعساره وشدته. 
وقوله " ومن ستر على مسلم، وفى رواية ومن ستر مسلما ": والستر هو التغطية. فإن الإنسان فى هذه الحياة معرض للخطإ والنسيان والغفلة. ومن أجل ذلك فتح الحق سبحانه وتعالى باب التوبة. وقد حث المصطفى عليه الصلاة والسلام على ستر عيوب وأخطاء المسلمين، وخدر من تتبع عوراتهم وعيوبهم وعللهم. فالعاقل يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب الناس "طوبى لمن شغله عيوبه عن عيوب الناس"(8). والمراد أنها لمن شغله النظر فى عيوبه وطلب إزالتها أو الستر عليها من الإشتغال بذكر عيوب غيره والتعرف لما يصدر منهم من العيوب.
الإشتغال بذكر عيوب الناس من المنكرات، أعاذنا الله والمسلمين من شرها وعقوبتها. وهو أيضا من الغيبة. فالغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان فى أخى ما أقول؟ قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتّه(9). والحديث كأنه سبق لتفسير الغيبة المذكورة فى قول عز وجل ولا يغتب بعضكم بعضا(01).
ثم ختم الحديث بما هو أعم وأشمل من التخصيص الذي ورد سابقا وهو أن الله تبارك وتعالى فى عون العبد مادام العبد فى عون أخيه. فالله يعين المسلم على جميع أموره ويسهل له ماكان منها عسيرا أو يقرب ما كان بعيدا، ويوجد ما كان معدوما، ويخفف عليه ما كان ثقيلا مادام هذا العبد يسعى ويهتم بحاجة وعون إخوانه المسلمين. فالله فى عونه معين له ويشد على يده ويسهل له مخارجه ومداخله مادامت همته ومسعاه من أجل مصلحة أمته وإخوانه المسلمين. لأن همته العالية وهدفه النبيل هو أن يحب لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه، فيعينهم على حاجتهم وعلى دفع المضار عنهم ويسهل لهم سبلهم، يعين المحتاج، يرشد الضال، يعالج المريض، يغيث الملهوف، يرعى اليتيم والأرملة، يحفظ الغائب فى أهله وماله وولده.
فما دامت هذه حاله فإن الله عز وجل يقف إلى جواره ويحفظه ويعينه ويسدد مسعاه. وهذا شاهد فى أهل الخير والتقى والصلاح الحقيقي المبني على إيمان خالص ويقين صادق. ولنسأل قلوبنا وقوالبنا، فهل تعى المة المسلمة هذا الواقع وتعمل بهدي نبيها ورسولها لتعود لنا حياتنا الإسلامية الحقيقية التى عاشها الجداد من قبل وتنعموا بحياة هادئة هانئة مرضية.
ولننظر الآن إلى الوضع السياسي والإقتصادي الذي يعم بلدان المسلمين من الأفغانستان، والفلسطين، والعراق، والصومال، وتايلند الجنوبي وغير ذلك من البلدان الفقيرة من جهة، و جهة أخرى السعودية والإمارات المتحدة والقطر وغيرها من الدول الخليجة المعمورة بالدولارات والدنانير الذهبية، والملازية وبروني دار السلام المعمورتان بالرنجيت، هل تساعد بعضهم بعضا؟ والجواب منكم. والله أعلم.

الإستنباط :

          وفى الحديث الشريف أشارنا المصطفى عليه الصلاة والسلام بستر عيوب إخواننا المسلمين، وتفريج مشقتهم اليومية، وتسهيل أمورهم وديونهم، وإعفاء خطاياهم، وإخراجهم من غفلاتهم. وهذه الخصال الحميدة من فضائل الأعمال الإجتماعية.          
 


(1) الإمام ابن العربى المالكى، المجلد الرابع، ص : ص : 321- 322. وأيضا الجزء الثالث، ص : 393
(2) الإمام أبو الطيب الأبادى، المجلد السابع، ص : 197- 198.
(3) الإمام إبن ماجه، الجزء الأول، ص :
(4) الإمام مسلم، الجزء الثانى، ص : 527
(5) الإمام أحمد بن حنبل، الجزء الثانى، ص : 252 و 500
(6) الإمام المناوى، الجزء السادس، ص : 243
(7) أنظر سورة البقرة :155
(8) الإمام الصنعانى، الجزء الثانى، ص : 1595
(9) الإمام مسلم، الجزء الثانى، ص : 526- 527
(01) أنظر سورة الحجرات : 12

Tidak ada komentar:

Posting Komentar