Minggu, 22 Januari 2012

العلاقة المتينة بين الإقتصاد والأدب الإسلامي


العلاقة المتينة بين الإقتصاد والأدب الإسلامي

حدثنا علي بن عياش حثنا أبو غسان حدثنى محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله e قال :
"رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى"(1)
حدثنا قييصة، أنا سفيان عن أبى حمزة عن الحسن عن أبى سعيد عن النبي e :
"التَّاجِرُ الصَّدُوْقُ اْلأَمِيْنُ مَعَ النََّبِيِّيْنَ وَالصِّدّيْقِيْنَ وَالشُّهَدَاءِ"(2)
(1) التخريج :
الحديث الأول رواه البخارى فى كتاب البيوع وفى باب السهولة والسماحة فى الشراء والبيع. وصرح ابن حجر العسقلانى بأن الترمذي والحاكم أخرجا فى كتابهما عن أبى هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "إن الله سمح البيع وسمح الشراء وسمح القضاء". وللنسائى من حديث عثمان رفعه: "أدخل الله الجنة رجلا كان مشتريا وبائعا وقاضيا ومقتضيا". ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو ونحوه(3).
والحديث الثانى أخرجه الدارمى فى كتاب البيوع وفى باب التاجر الصدوق. وأخرجه أيضا حديث مثله بسنده عن إسماعيل بن رفاعة عن أبيه عن جده قال: خرج رسول الله e إلى البقيع فقال: "يا معشر التجار حتى إذا أشربوا قال التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق"(4). وأخرج أيضا الترمذى بسنده عن هناد، حدثنا قبيصة عن سفيان، عن أبى حمزة، عن الحسن عن أبى سعيد وقال: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الثورى(5). والحاكم فى مستدركه عن أبى العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق.... ثم عن ابن عمر رضي الله عنهما وزاد "يوم القيامة" فى آخر حديث(6).
(2) معانى الحديث :
ÿ رحم الله عبدا : إنشاء بلفظ الخبر، آى بجاه وأنعم عليه فى الدارين.
ÿ سمحا : مساهلا، وهي صفة مشبهة تدل على الثبوت، فقد روى الترمذى: "غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلا إذا باع"(7).
ÿ التاجر الصدوق الأمين : يحشر يوم القيامة.
ÿ مع النبيين والصديقين والشهداء : لحق بدرجتهم لأنه احتظى بقلبه من النبوة، والصديقية، والشهادة. فالنبوة إنكشاف الغطاء، والصديقية إستواء سريرة القلب بعلانية الأركان، والشهادة إحتساب المرء بنفسه على الله فيكون عنده فى حد الأمانة فى جميع ما وضع عنده.
(4) الشرح :
وإذا لاحظنا وتأملنا هذه الآيات البينات الكريمة مثل قوله تعالى " فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"(8). وقوله "قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ"(9). وقوله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ "(01). لوجدنا مملوءة بالتوجيهات والإرشادات الكريمة، ومنها بيان على طلب العمل والكسب، والتجارة، ومنها الحث على الصدق والوفاء وعدم الغش، ومنها النهي عن أكل أموال الناس بالباطل.
فالتشريع الإقتصادي فى الإسلام قائم على أساس من القيم والمثل العليا. تقبل قواعده الإجمالية التطور لمواجهة حاجات المجتمع المتزايدة ومشكلاته الإقتصادية. إن نظم الإسلام وتشريعاته لا يعترف بالمذاهب والفلسفات التى تجعل من الفرد والمجتمع خصمين متصارعين ذوى مصالح متنافرة أو متضادة. ولكل فئة أنصار وأحزاب يقرون الغلبة للأقوى والأكثر. والإقتصاد الإسلامية فى جوهرة المكنون يقوم على أساس معتدل، فلا يتعصب للفرد على حساب الجماعة، ولا يتحمس للجماعة على حساب الفرد وهو يحاول أن يحقق مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة والدولة على حد سواء(11).
فهذان الحديثان مليئان بالتوجيهات السامية والمعانى الرفيعة التى تحض للمتبايعين على الإلتزام بالقواعد الشرعية السليمة، ففيها جملة أمور يمكن ذكرها على النحو التالى:
1.  يحث التجار على الإلتزام بالصدق فى تجارتهم وترك الكذب والغش والخدع. والصدق يهديهم إلى البر و إلى الجنة. والكذب يهديهم إلى الفجور و إلى النار.
2.   الإلتزام بالمواعيد فى معاملتهم التجارية.
3.    وفيه نهي صريح عن شتم السلعة المشتراة، والإنتقاص من قدرها وقيمتها.
4.    وفيه نهي صريح عن مدح السلعة بغرض تزييغها للبيع، وذلك بمدح وأوصاف قد لا تكون متطابقة من الواقع.
5.    الإلتزام بتشديد أموال الناس حسب العقود المتفق عليه "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ"(21).
6.  إعطاء الوقت الكافى للمعسرين لتسديد ما عليهم من التزامات مالية كما أشاره المصطفى "من يسر معسرا يسر الله عليه يوم القيامة".
فكلمة "مع النبيين والصديقين والشهداء" لهي بشارة فاضلة ومثمرة من حضرة المصطفى e للمتبايعين فى التجارة صغيرة كانت أو كبيرة. فهذه البشارة فلا بد من تحقيقها، فكيف يصدق التاجر ويكون أمينا موفقا للخير وقد خرت التنافش والتسابق فى جميع نواحى التجارية والإقتصادية؟ وكذلك الكافتاليون يحلون جميع الحيلة والطرق لنيل رغباتهم وأمنياتهم؟
ومن المؤكد أن الأخذ بالأخلاق وربطها بالمشاريع والمعاملات الإقتصادية والإعتماد عليها والتخطيط بموجبها لأي مشروع إقتصادي، لا ولن تقف حجر عثرة فى سبيل الرقي والإزدهار الإقتصادي الإسلامي. وأرى ضرورة هذا الترابط لأن فيه حفظ وسلامة المجتمعات من الأمراض النفسية التى لا يخلو منها الإقتصاد الوضعي. فالإقتصاد الإسلامي نظيف من جميع الأساليب التى تعترى العالم المعاصر فى تصارعه وتنافسه القائم على مبدإ الغاية تبرر الوسيلة. وأرى أيضا أن التطور العلمي والإنفتاح التكنولوجى الكبير والتقدم الإقتصاد فى دول العالم الأجنبي لم يغير شيئا من آلام والمأسات الإنسانية، وكذلك لم يخفف من أمراض الجوع والعرى والأمراض المنتشرة فى كثير من بلدان العالم. ولو أن هذا الإزدهار الإقتصادي كان قائما على أرضية نظيفة وخالية من الأنانية والطغيان والظلم الإجتماعي والإستغلال الجشع للموارد الطبيعية المنتشرة فى بقاع العالم، لما كان هناك من يشكو من ظلم الإمسانى لأخيه الإنسان.
هناك حقيقة واضحة ينبغى عدم تجاهلها وفى الوقت نفسه محاربتها، والوقوف فى سبيل انتشارها. تلكم هي الصراع المادي البحت الذى يسود أسواطنا الإجتماعية، وبشكل مذهل فأصبح الناس لا همَّ لهم اليوم إلا الكسب المادي وتنمية الثروات واكتنازها، والقالبية تسعى إلى ذلك غير واضعة فى حسبانها قيم الإسلام وأخلاقيته. ولقد انتشرت قطيعة الرحم، أو قطيعة صلة الرحم عند كثير من الأسر بسبب المادة مع الأسف الشديد، لقد تنكر الأصدقاء والأقرباء، ونسوا بعضهم البعض، وبكل أسف إنتشرت هذه العدوى، وهذه المرض الشديد والخبيث بين الأوساط الثقافية والأكادمية. وسمعت بين آونة أخرى أن الشيخ أو العالم أو الأستاذ هذا إنتقل أو نقل خدماته إلى خدمة جديدة أو عمل جديد. وعندما أبحث عن السبب أجده ماديا بحتا، وأعوذ بالله من ذلك.
وقد سجل التاريخ الإسلامي عدة تجار المسلمين فى صحائفه مثل عبد الرحمن بن عوف صحابي جليل وتاجر معروف، وعثمان بن عفان، ومعاوية بن أبى سفيان وغيرهم. ولهم رأس مال وسهم متوافر فى تنمية اقتصاد المسلمين وترقية أحوال المجتمع. كما يعرف التاريخ ابن الجصاص، أنه التاجر المليونير فى عصره، تاجر عباسي كبير، كان يساعد الدولة أبان أزمتها المالية.
ولو تأمل المسلم كتاب ربه وتركة رسوله e تأملا دقيق لوجد الفضل والكرامة والسعادة فى حياته الدنيوية، كيف لا، فدينه دين الطهر والعفاف، صان الأعراض والأموال والأنفس ودعا إلى حمايتها والدفاع عنها. وأكد الإسلام حرمات المسلمين وحماية للأموال وصيانة لها، كفل الإسلام لها حقوقا شرعها الله وننسق وفق ما أحله الله من علاقات نقية طاهرة تتميز بالثبوت والإستقرار، وتحكم بحقوق وواجبات تشرق فى ظلها المودة والرحمة وتنبثق من خلالها المشاعر الإنسانية الوفية والمعاملات النظيفة الراقية.
ومن ناحية أخرى نفى الإسلام عن المجتمع الإسلامي كل رذيلة من الرذائل، وميز عباد الله المسلمين، ووصفهم بصفات تتفق مع عقيدتهم الصحيحة وأيمانهم الصادق، وبين أنهم موحدون لا يدعون مع الله إلها آخر ومحافظون على حرمة الأموال والأنفس.
فضد تاجر أمين هو تاجر خائن. فالخيانة تؤدى إلى جريمة الإعتداء على الأموال والأعراض. وهذا من أخطر الجرائم وأكبر الكبائر التى إذا تفشَّت بيئة أو مجتمعة نشرت العداوة والبغضاء، ومن أجلها هدمت الإخوة والسلامة، وغربت شموس السعادة والراحة الإجتماعية.
فقد بين لنا الإمام المناوى عن قوله e "سمحا" جوادا ومساهلا غير مضايق فى الأمور. وهذا صفة مشبهة تدل على الثبوت. ولذا كرر أحوال البيع والشراء والتقاض حيث قال "إذا باع سمحا، وإذا اشترى سمحا، وإذا قضى واقتضى سمحا آى طلب قضاء حقه، وهذا مسوق للحث على المسامحة فى المعاملة وترك المشاححة والتضييق فى الطلب والتخلق بمكارم الأخلاق. وقال القاضى رتب الدعاء على ذلك ليدل على أن السهولة والتسامح سبب لاستحقاق الدعاء وليكون أهلا للرحمة(31).
الإستنباط :
          ومن هذين الحديثين نستنبط إستنباطا واضحة أن المصطفى e يحب رجلا أو تاجرا سمحا فى كل حركاته اليومية، ويرغبهم بالصدق والمانة ليكونوا من الفائزين المحبوبين. والله أعلم.


(1)  الإمام ابن حجر العسقلانى، الجزء الخامس، ص: 27
(2)  الإمام الدارمى، الجزء الثانى، ص: 247
(3)  الإمام ابن حجر العسقلانى، ص: 28. والرجوع إلى كتبهم أحسن وأفضل (أنظر الترمذى، الجزء الثالث، ص: 292- 293)
(4)  الإمام الدارمى، ص: 247
(5)  الإمام إبن العربى، الجزء الثالث، ص: 170
(6)  الإمام أبو عبد الله محمد النيسابورى الحاكم، المستدرك على الصحيحين تحقيق حمدى الدمرداش محمد،( مكة المكرمة : مصطفى البار، 2000)، الجزء الثالث، ص: 812
(7)  محمد زكي الدين المنذرى، الترغيب والترهيب من الحديث الشريف (بيروت : دار العلمي، 1992)، المجلد الثانى، ص: 455
(8)  أنظر سورة الجمعة : 10
(9)  أنظر سورة الأعراف : 85
(01) أنظر سورة النساء : 29
(11) تأكيدا لذلك، أنطر قوله المصطفى صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، وقوله "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا"، وقوله "مثل المؤمن فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد".
(21)  أنظر سورة المائدة : 1
(31) الإمام المناوى، الجزء الرابع، ص: 26- 27

Tidak ada komentar:

Posting Komentar