Minggu, 22 Januari 2012

السبع المهلكات


السبع المهلكات

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ(1).

1- التخريج :
        أخرج البخارى فى عدة كتب منها فى كتاب الحدود فى باب رمي المحصنات، وفى كتاب الطب فى باب الشرك والسحر من الموبقات، ولم يذكر هنا سوى الشرك والسحر. وفى كتاب الوصايا فى باب قوله تعالى "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما". ولمسلم فى كتاب الإيمان فى باب بيان الكبائر وأكبرها. وفى هذا الباب من الكبائر أيضا عقوق الوالدين وقول الزور(2). وروى أبو داود فى كتاب الوصايا فى باب ما جاء فى التشديد فى أكل مال اليتيم. وذكر أيضا تسع الكبائر وزاد عقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا(3).

2- معانى المفردات :
- الإجتناب : الإبتعاد، وأصله جعل الشيء على جنب.
- الموبقات : المهلكات، سميت بذلك لأنها سبب لإهلاك مرتكبها. والمراد بالموبقة هنا الكبيرة كما ثبت فى حديث أبى هريرة من وجه آخر أخرجه البزار وابن المنذر عن أبى هريرة "الكبائر الشرك بالله وقتل النفس"(4).
- السبع : وفى رواية أخرى هن تسع، وأعظمهن الشرك بالله. وأخرج إسماعيل القاضى بسند صحيح إلى سعيد بن المسيب قال "هن عشر"، فذكر السبعة التى فى الأصل وزاد عقوق الوالدين، واليمين الغموس، وشرب الخمر.
- إلا بالحق : وهو أن يجوز قتلها شرعا بالقصاص وغيره.
التولى يوم الزحف : آى الفرار عن القتال يوم ازدحام الطائفتين.
وقذف المحصنات : بفتح الصاد إسم مفعول، اللاتى أحصنهن الله تعالى وحفظهن من الزنا يعنى رميهن بالزنا(5).

3- الشرح :
          إشتمل هذا الحديث على مجموعة من الآداب النبوية السامية والتوجيهات التربوية العالية الكفيلة، يحفظ وحدة المجتمع ورباط الأخوة وعلائق المحبة بين الأفراد، فتكون النفوس صافية والقلوب محبة، والخواطر طيبة، والجوارح بعيدة من الأذى والإيلام. ولذلك جاء الحديث محذرا للمؤمنين بل الناس أجمعين من بعض الصفات والسلوكيات التى تعد والعياذ بالله من عوامل الفساد والخراب للمجتمع ودماره، وتفريق شمله وتمزيق وجدته ما يترتب عليها من إيقاع للعداوة واننتشارا للبغضاء زالحقد والكراهية بين أفراده. وهذا ما لا يتفق مع صفات المجتمع المسلم.
          وللننظر أولا إلى الشرك. فالشرك آى جعل أحد شريكا لله، والمراد الكفر به(6). والرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم مأمور بقتال الناس حتى يشهدوا أنه لا إله إلا الله وأنه رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، وإذا فعلوا ذلك فهم معصوموا الدماء والاموال إلا بحق افسلام وحسابهم على الله. إن الشرك بالله عز وجل أو اتخاذ عبد من عباده أو صنم من الأصنام شريكا فى العبادة مع الله ظلم عظيم، بل هو أعظم الظلم لما فيه من الإفتئات على الخالق الرازق، والعياذ بالله.
          فتالله هو رب كل شيء ومليكه وأنه الخالق الرازق، المحيى المميت، وأنه المستحق لأن يفرد بالعبودية والذل والخضوع وجميع أنواع العبادة، وأنه المتصف بصفات الكمال، المنزه عن كل عيب ونقص. وبين الخالق والمخلوق الفروق العظيم ما لا يخفى على ذى بصيرة وعقول وشعور. منها، أن الخالق غني بنفسه عما سواه، ويمتنع أن يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه. والملوك وَسادة العبيد محتاجون إلى غيرهم حاجة ضرورية. ومنها، أن الخالق وإن كان يحب الأعمال الصالحة ويرضى ويفرح بتوبة التائبين، فهو يخلق ذلك وييسره، فلم يحصل ما يحبه ويرضاه إلا بقدرته ومشيئته. والمخلوق قد يحصل بفعل غيره. ومنها، أن الخالق أمر العباد بما يصلحهم ونهاهم عما يفسدهم بخلاف المخلوق الذى يأمر غيره بما يحتاج إليه وينهاه عما ينهاه بخلا عليه. ومنها أن الخالق هو المنعم بإرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام وإنزال الكتب. وهو المنعم بالقدرة والحواس وغير ذلك مما يحصل به العلم والعمل الصالح وهو الهادى لعباده فلا حول ولا قوة إلا به تعالى.
          وينقسم الشرك إلى قسمين، أكبر وأصغر. القسم الأول : إتخاذ الند بأن يدعوه أو يرجوه أو يخافه أو يحبه كمحبة الله. والقسم الثانى: وحده بعضهم بأنه كل وسيلة وذريعة يتطرف بها إلى الأكبر، وذلك كقول الرجل ماشاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، وكالحلف بغير الله. وهناك الفروق بين الشرك الأكبر والأصغر:
أولا    :  إن الأكبر لا يغفر لصاحبه، وأما الأصغر فتحت المشيئة.
ثانيا    :  الأكبر محبط لجميع الأعمال، وأما الأصغر فلا يحبط الا العمل الذى قارنه.
ثالثا    :  إن الشرك الأكبر صاحبه خالد فى النار، وأما الأصغر فكغيره من الذنوب.
          وأما السحر هو قلب الحواس فى مدركاتها عن الوجه المعتاد لها فى ضمنها من سبب باطل لا يثبت مع ذكر الله تعالى عليه، وقيل هو مزاولة النفس الخبيثة لأقوال وأفعال يترتب عليها أمور خارقة للعادة(7). وقد جاءت الآيات الكريمة عن السحر، مثل قوله تعالى :
      قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى. فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى. قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى.  وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى. (طه : 66-69). وقوله تعالى :
"وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ". (البقرة : 102). آى ولكن الشياطين هم الذين علموا الناس السحر حتى فشا أمره بين الناس. ومن هذه الآية الكريمة نفهم أن السحر من الشياطين أو من عمل الشياطين، وهم عدو مبين. وأمرنا الله باتخاذهم عدوا  فى جميع أحوالنا وأوقاتنا.
                 وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق. وعن ابن مسعود رضي الله عنه : لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزانى، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارقة للجماعة. فالنفس بالنفس، فالمراد به القصاص بشرطه. وقوله إلا بالحق، وفى حديث آخر إلا بحق الإسلام. لا يحل سفك دماهم ولا أخذ مالهم إلا يحقها، ومعناه أن الدماء والأموال والأعراض معصومة إلا عن حق يجب فيها كقودة، وردّة، وحدّ، وترك صلاة وزكاة وحق آدمي.
                 وأكل الربا، فقال الله تعالى: "وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" (البقرة : 275). فتحريم الربا بالأسباب الآتية :
1)  إن الربا يقتضى أخذ مال الغير عوضا، لأن من يبيع درهما بدرهمين نقدا أو نسيئة فقد حصل له زيادة درهم من غير عوض فهو حرام.
2)  إن الربا يمنع الناس عن الإشتغال بالتجارة. وصاحب الدرهم إذا تمكن من عقد الربا خف عليه تحصيل الزيادة من غير تعب ولا مشقة، فيقضى ذلك إلى انقطاع منافع الناس بالتجارة وطلب الأرباح.
3)  إن الربا سبب انقطاع المعروف بين الناس من القرض. وإذا حرم الربا طابت النفوس بقرض الدينار للمحتاج واسترجاع مثلها لطلب الأجر من الله تعالى. فالحق سبحانه وتعالى يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة : 2).
4)  إن تحريم الربا قد ثبت بالنص، ولا يجب أن تكون حكمة جميع التكاليف معلومة للخلق فوجب القطع بتحريم الربا وإن كنا نعلم وجه الجكمة فى ذلك(8).
نظمت الشريعة الإسلامية المالية والإقتصادية، فأحلت الصحيح منها الذى ليس فيه غبن ولا ضرر بأحد المتعاقدين، وحرمت الفاسد الذى جاءت به الشريعة المحمدية، وإن ذلك إيصال النفع والفائدة إلى الكاسب وإلى غيره، وأيضا السلامة من البطالة زالظلمة المؤدية إلى الفضول وكسر النفس والتعفف عن السؤال.
وقد أحل الله التجارة والبيع والشراء. وهي مورد من موارد الرزق وسبيل من سبل العيش والحياة، نوه الله تعالى شأنها فى القرآن الكريم، وامتدح رسول الله أصحابه الكرام. يقول تبارك وتعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الجمعة : 9-10). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكسب أفضل؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور.
وأما أكل مال اليتيم نوع من أنواع الكبائر. وقال ابن جرير رحمه الله وتعالى وهو عن ابن عباس قال: لما نزلت "وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"(9). و"إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً"(01). إنطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله او يفسد. فاشتد ذلك فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم(11). فالمصطفى نفسه يمشى باليتيم والأرملة ويشير إلى نفسه أنه أب لليتامى. وقد جاءت البشارة منه صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا"، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا. (رواه البخارى)(21).
وقد جاءت الآية الكريمة فى ملاطفة اليتيم: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ..وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ"(31). "فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ"(41). وقال ابن علان فى شرح رياض الصالحين: أكل مال اليتيم آى التسلط عليه وإتلافه(51). فاليتامى من الضعفاء والمتروكين ليس لهم ملجأ ولا مأوى إلا عشيرتهم وأقرباؤهم. وينبغى لهم وليا مرشدا يرعاهم كرعية آبائهم ويعزيهم برهم وعطفهم. ويجدون بعد وفاتهم من يعلمهم الكتاب والقراءة، ويهذبهم تهذيبا كاملا ويطمئنهم حق اطمئنان.
والتولى يوم الزحف. وهو من الكبائر أيضا. وكيف يتولى الشخص عن صفوف الجيش وهو فى سبيل الله؟ أفلا ينظر أن إدباره وانصرافه يؤدى إلى كسر الصفوف. ومن هنا يبدأ الهزم والدمار؟ أفلا يطمئن قلبه أن الله سبحانه وتعالى سيلقى الرعب والفزع على قلوب الكافرين فى لقائهم مع جيوش المسلمين؟ أو أنه يتولى وينصرف من لقاء العدو حين يرى الغنيمة والمال أو غيرها.
ومن الكبائر أيضا قذف المحصنات المؤمنات الغافلات آى رمي المؤمنات الغافلات عما يرمى به من الزنا بالزنا. وهذا قول عبد السلام من قذف محصنة فى خلوة بحيث لا يسمعه إلا الله والحفظة، فليس ذلك بكبيرة موجبا للحد(61). وقد حذر الله تعالى المسلمين بقوله: " إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ"(71). وفى الحديث "قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة". لذلك عده صلى الله عليه وسلم من الموبقات.

الإستنباط :
          عد النبي صلى الله عليه وسلم الموبقات والمهلكات التى يجب علينا اجتنابها لأنها من الكبائر التى توجب لصاحبها آى فاعلها العذاب والطرد عن الرحمة والشفقة وهي الشرك، والسحر، وقتل النفس بغير حق، والربا، وأكل مال اليتيم، والتولى يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات. ومن ارتكب هذه الجرائم فقد هدم دعائم الدين والمجتمع، واستحق العقاب فى الدنيا والاخرة. والعياذ بالله.    


(1)  الإمام إبن حجر العسقلانى، الجزء الرابع عشر، ص 157.
(2)  الإمام مسلم، الجزء الأول، ص 59.
(3)  الإمام شمس الدين أبادى، المجلد 8، ص 57.
(4)  الإمام إبن حجر العسقلانى، ج 14 ص 157- 158.
(5)  الإمام شمس الدين أبادى ص 55.
(6)  الإمام المناوى ج 1 ص 153.
(7) الإمام المناوى ج 1 ص 153.
(8)  عثمان بن حسين الخوبرى، ص 29- 30.
(9)   أنظر سورة الأنعام : 152. وسورة الإسراء : 34.
(01)  أنظر سورة النساء : 10
(11)  الإمام إبن كثير، تفسير القرآن العظيم، (سنقافورة: الحرمين، بدون السنة)، الجزء الأول، ص 256. 
(21)  أنظر الإمام أبا زكريا النووى، رياض الصالحين، (بيروت: دار الفكر، بدون السنة)، ص 66.
(31)  أنظر سورة الماعون: 1- 3.
(41)  أنظر سورة الضحى: 9- 10.
(51)  محمد بن علان، الجزء الرابع، ص 463.
(61) محمد بن علان، ج 4 ص 463
(71) أنظر سورة النور : 23. قيل: هذه الآية خاصة بمن قذف إحدى أمهات المؤمنين (عائشة رضي الله عنها) فهو ملعون وليس له توبة. والأصح أنها عامة مشروطة بعدم التوبة.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar