Minggu, 22 Januari 2012

النهي عن تغيير الخلق الحسن


النهي عن تغيير الخلق الحسن

          حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال " لعن الله الواشمات والموتشمات والمتنصمات والمتجلفات للحسن، المتغيرات خلق الله. فبلغ ذلك إمرأة من بنى أسد يقال لهم أم يعقوب، فجاءت وقالت أنه بلغنى أنك لعنت كَيتََ وكيَِتَ، فقال ومالي أن لا ألعن من لعن رسول الله ومن هو فى كتاب الله، فقالت لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول، فقال " لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا "، فقالت بلى، قال قد نهى عنه. قالت فإنى أرى أهلك يفعلونه. قال فاذهبي فانظري. فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئا. فقال لو كانت كذلك ما جمعتها "(1).

التخريج :

          وأخرجه مسلم فى كتاب اللباس والزينة فى باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة(2). وقال : فإنى أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن. ثم قالت ما رأيت شيئا. وأيضا الترمذي فى كتاب اللباس فى باب ما جاء فى مواصلة الشعر، والأدب ما جاء فى الواصلة والمستوصلة(3). وأبو داود فى الترجل فى باب صلة الشعر وفى روايته زاد- من غير داء، وهو من رواية ابن عباس رضي الله عنه(4). والنسائي فى كتاب الزينة فى باب الواصلة والمستوصلة والمتنصمات والموتشمات عن أسماء بنت أبى بكر، وابن عمر، ونافع، وعائشة، وعلقمة عن عبد الله(5). و أحمد بن حنبل عن علي رضي الله عنه " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والواشمة والمستوشمة للحسن، ومانع الصدقة والمحلل والمحلل له وكان ينهى عن النوح"(6). والدارمي فى كتاب الإستئذان فى باب الواصلة والمستوصلة عن عبد الله رضي الله عنه، فذكر الحديث بلفظ مسلم(7).  

راوى الحديث :

          عبد الله بن مسعود يكنى أبا عبد الرحمن أمه أم عبد، أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم. كان سادسا فى الإسلام، وهاجر إلى الحبشة الهجرتين، وشهد بدرا والمشاهد كلها. قال أبو موسى الأشعري: لقد رأيت رسول الله عليه وسلم ولا أرى ابن مسعود من أهله. ويقال : كان عبد الله يلبس رسول الله عليه وسلم نعليه ثم يمشى أمامه بالعصا، حتى إذا أتى مجلسه نزع نعليه فأدخلهما فى ذراعيه وأعطاه بالعصا. فإذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم ألبسه نعليه ثم مشى بالعصا أمامه حتى يدخل الحجرة قبل رسول الله. وولي قضاء الكوفة وبيت المال لعمر وصدرا من خلافة عثمان، ثم صار إلى المدينة فمات بها سنة اثنتين وثلاثين، ودفن بالبقيع وهو ابن بضع وستين(8).   

التحليل اللفظي :

- الواشمات والمستوشمات :            من وشم- يشم- وشما، غرزها بالإبرة ثم ذر عليها النيلج فصار فيها رسوم وخطوط(9)، وهي جمع واشمة ومستوشمة وهي التى تشم غيرها والتى تطلب الوشم وهو معروف وحرام(01).
- والمتنصمات            :  جمع متنصمة، هي التى تطلب النماص. والنامصة التى تفعله، والنماص : إزالة شعر الوجه بالمنقاش. ويقال أن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترفيعهما وتسويتهما. وقال أبو داود فى السنن : النامصة التى تنقش الحاجب ترقه ليصير حسنا(11).
- المتجلفات              :  هي التى تبرد من أسنانها ليتباعد بعضها عن بعض قليلا ويحسنها(21).
- المغيرات خلق الله      :  هي صفة لازمة لمن تصنع الثلاثة.
- إمرأة من بنى أسد     :  يقال لها أم يعقوب لا يعرف إسمها. وما آتاكم الرسول فخذوه.. إلخ(31).
- أهلك يفعلونه           :  هي زينب بنت عبد الله الثقفية.

فقه الحديث :

                   لقد خلق الله تعالى الإنسان فى أحسن تقويم، وأحسن ترتيب وتعديل وشكل، متصفا بأجمل وأكمل الصفات من حسن الصورة وانتصاب القامة وتناسب الأعضاء، مزينا بالعلم والعقل والتمييز والنطق والأدب. وعلى الإنسان أن يشكر خالقه ومولاه شكرا لا نهاية ولا انتهاء له، ولا ينبغى عليه أن يغير ما خلق الله لنفسه.
                   وفى الحديث حجة قوية لمن حمل النهي فيه على التنزيه، لأن دلالة اللعن على التحريم من أقوى الدلالات، بل عند بعضهم أنه من علامات الكبيرة. وقيل التغيير لخلق الله حرام على فاعله وعلى المفعول بها لهذه الأحاديث، ولأنه تغيير لخلق الله تعالى ومحله ان فعلته للحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب فلا بأس(41).
                   وشرح النووي : النامصات هي التى تزيل الشعر من الوجه. وهذا الفعل حرام إلا إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب فلا يحرم إزالتها، بل يستحب عندنا. زالنهي إنما هو فى الحواجب وما فى أطراف الوجه. وحكم الرحال كالمرأة. وقال الخطابي : إنما ورد الوعيد الشديد فى هذه الأشياء لما فيها من الغش والخداع. ولو رخص فى شيء منها لكان وسيلة إلى استجازة غيرها من أنواع الغش، ولما فيها من تغيير الخلقة. وإلى ذلك الإشارة فى حديث ابن مسعود بقوله " المغيرات خلق الله "(51).
                   واستدل بالحديث على جواز لعن من اتصف بصفة لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يطلق ذلك إلا على من يستحقه.
                   إن على كل مسلم أن يتمسك بتعاليم الدنيا ويؤديها على أكمل وجه لتكون أعماله خالصة مقبولة عند الله متفقة مع ما جاء فى الكتاب والسنة النبوية الشريفة وما تقضى به الشريعة الإسلامية الغراء من الدقة والعناية فى الداء. وأن يقوم بواجب النصح والتوجيه والإرشاد لكل إنسان بكل ما وسعه من قوة وجهد، لينتشر الهداية ويعم النفع ويصبح كل إنسانعارفا بدينه عاملا على تنفيذ ما يأمر به ويتجنب ما ينهى عنه مثل تغيير الخلق للحسن والتجميل.
                   هل يجوز للمرأة أن تعمل عملية جراحية طبية فى أنفها، لأن فى أنفها إعوجاجا وطولا زائدا عن الحد الطبيعي، ولكن تبدو فى أعين خطابها جميلة مقبولة الصورة؟ فالجواب نعم. وقد أفتى العديد من العلماء بذلك كما أن جراحة التجميل أصبحت تخصيصا طيبا حديث، وإن كان له أصل من الطب القديم، حيث أبيح منذ مجيء الإسلام تركيب الأسنان الذهبية والفضية بدلا من المنزوعة، وكما أبيح أعين رجاحية بيلا من الأعين التالفة تبدو وجوه أصحابها اجمل وألطف.
وفى الحديث أيضا نجد توجيهات النبوية الشريفة، منها أن القرآن الكريم جاء بالقواعد العامة والكليات. والحديث النبوي الشريف فصل هذا وشرحه وبينه، فقد جاء الأوامر القرآنية والتوجيهات بالصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، والجهاد، والبيع والشراء، والزوج وغير ذلك من الأمور الدينية، ولكنها تحتاج إلى تفصيل وبيان شامل، إذ ليس فى القرآن تفصيل تلك الأحكام ولا عدد الركعات، ولا كيفية أدائها وما يتعلق بغيرها من العبادات والمعاملات من أحكام تفصيلية. وإنما كانت السنة النبوية هي المفصلة والسارحة لهذا كله. لقد صدق الله حيث يقول : " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ".
وعلى هذا الأساس قامت أم يعقوب، وقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت ما تقول، فهي لم ترد دليلا صريحا ومفصلا. ولكن لما قرأ عبد الله الآية إطمأنت وسكتت واسترجعت واعترفت بتفوق وعلو صاحبها.
ومنها أيضا : فمن دعا إلى الخير والمعروف والسلامة فعليه أن يبدأ من نفسه وأهله وعياله كما فعله إبن مسعود رضي الله عنه. وقد تكلم القرآن عن هذا فى مواضع مختلفة(61).

الإستنباط :

          وفى الحديث النبوي الشريف- منع تغيير الخلق للحسن والتجميل، إلا إذا احتاجت إليه لعلاج أو عيب- جواز لعن من اتصف بصفة لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله- تمسك الصحابة رضوان الله عليهم بالقرآن والسنة- على الدعاة والمبلغين أن يبدأوا من أنفسهم وعيالهم. والله الموفق.

 
    


(1) الإمام إبن حجر العسقلانى، الجزء التاسع، ص : 619. والحادى عشر، ص : 567 و 574 و578
(2) الإمام مسلم، الجزء الثانى، ص : 329
(3) الإمام إبن العربي المالكى، الجزء الرابع، ص : 208. والخامس، ص : 402
(4) الإملم أبو الطيب الأبادى، المجلد السادس، ص : 151- 152
(5) الإمام السيوطى (المجتبى) المجلد الرابع، ص : 151- 156
(6) الإمام أحمد بن حنبل، الجزء الأول، ص : 107
(7) الإمام الدارمى، الجزء الثانى، ص : 279- 280
(8) الإمام إبن الجوزى، الجزء الأول، ص : 173-174. وانظر أيضا عبد الوهاب الشعرانى، الجزء الأول، ص 22.
(9) لويس مألوف، 1970، ص : 902
(01) الإمام المناوى، المجلد الخامس، ص : 272- 273
(11) الإمام إبن حجر العسقلانى، الجزء الحادى عشر، ص : 573- 575.
(21) الإمام النووى، رياض الصالحين (بيروت : دار الفكر، بدون السنة) ص : 494.
(31) أنظر سورة الحشر : 7
(41) الإمام محمد بن علان الصديقى، دليل الفالحين لطرق رياض الجالحين (بيروت : دار الفكر، بدون السنة) الجزء الرابع، ص : 494.
(51) الإمام إبن حجر العسقلانى، الجزء الحادى عشر، ص : 578
(61) أنظر الآيات الكريمة من سورة البقرة : 44. الصف : 2- 3. التحريم : 6.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar